٤،٩،٥٩ - قصص عمرية ٢
القصة الرابعة:
عندما وصلت أقمشة يمنية، ووزعت على المسلمين عدلا ومساواة ولبس عمر بن الخطاب ثوبين لأنه كان طويلا) ومس المسلمون ذلك، لأن الأشياء كانت توزع علانية. وصعد المنبر ليخطب ويحلهم على الجهاد مرتديا هذا الثوب. وقال لهم: «اسمعوا وأطيعوا ، فقال له أحدهم: لاسمع ولا طاعة. فقال له عمر في هدوء : لماذا يرحمك الله؟ فقال الرجل بنفس الجرأة: أخذت من القماش مثل ما أخذنا، فكيف فصلته قميصا ، وأنت أطول منا؟ لا بد أن هناك شيئا خصصت به نفسك. ودافع عمر عن نفسه، ونادى ابنه عبد الله، ليعلن عبد الله بن عمر، أنه تنازل عن نصيبه لأبيه، حتى يمكنه أن يحصل على قميص كامل يتمكن به من ستر العورة والاجتماع بالناس وجلس الرجل في هدوء من جديد وهو يقول: «الآن نسمع ونطيع».
القصة الخامسة:
على عادته في حرصه وعدله ورعايته لرعيته، كان الفاروق رضي الله عنه - ذات ليلة يطوف بأحياء المدينة، يتفقد شؤون الناس، ويتحسس، فمر ببيت سمع منه صوت امرأة تقول لابنتها : يا بنية، لقد قارب وقت الفجر : فقومي امزجي اللبن بالماء. فردت الابنة: ألم يأتك يا أماه نهي أمير المؤمنين عمر عن ذلك ؟ فقالت الأم : بلى، ولكن كيف يدري عمر ؟ قالت البنت: إن كان عمر لا يرانا، فإن رب عمر يرانا . فترك عمر - رضي الله عنه - علامة على جدار البيت ثم أمر ابنه عاصما ، أن يأتي هذا البيت، ويخطب الفتاة إلى نفسه ويتزوجها : فإنها ممن يخشون ربهم بالغيب. ففعل عاصم ما أمر به، فولدت له تلك الفتاة فتاة سميت ليلى، تزوجها عبد العزيز بن مروان، فأنجبت له عمر، فكان عمر بن عبد العزيز الذي كان شديد الشبه بجده الفاروق، يحذو حذوه متنته خطاه.
القصة السادسة:
أرسل كسرى ملك الفرس - رسولا إلى المدينة، يحمل رسالة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي ا عنه - فلما وصل الرسول إلى المدينة، سأل عن قصر الخلافة، وكان يظنه قصرا كبيرا. فوجد بيت الخليفة بيتا صغيرا، ليس فيه دليل على فخامة الملوك، فطرقه ولم يجد عمر، فسأل عنه، فقيل له إنه ذلك النائم تحت تلك الشجرة. فجاء إليه فوجده نائما متوسدا التراب، وليس حوله حرس فقال رسول كسرى مقالته المشهورة عدلت فأمنت فنمت يا عمر»